اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
179513 مشاهدة
تراخي الإيجاب عن القبول

ويصح القبول متراخيا عنه أي عن الإيجاب ما داما في مجلسه؛ لأن حالة المجلس كحالة العقد فإن تشاغلا بما يقطعه عرفا أو انقضى المجلس قبل القبول بطل لأنهما صارا مُعْرِضَيْنِ عن البيع.


يعبر عن هذا بالموالاة, يعني هذه الصيغة فيها الترتيب والموالاة، فالموالاة: كون القبول بعد الإيجاب مباشرة, أو يتراخى عنه ما داما في المجلس؛ يعني: لا يشترط في الموالاة أن تكون الكلمتان في لحظة واحدة، ساعة ما يقول: بعتك بعشرة يقول: قبلت, بل يجوز تأخير القبول ما داما في المجلس, ولو طال المجلس؛ وذلك لما ذكروا أن حالة المجلس كحالة العقد, فيجوز أن يؤخر القبول, فلو قال مثلا: بعتك الدار بمائة ألف, فسكت المشتري وهما في المجلس, قال: قبلت, أو اشتريته, أو وافقت, صح ذلك, وأصبح قبولا بعد إيجاب؛ لأنهما حصل منهما هذا وهما في نفس المجلس. يقول: أنه إذا كان القبول متأخرا متراخيا عنه فإنه يصح ما داما في المجلس, والعادة أنه لا يتأخر, بل ساعة ما يقول: بعتك, يقول: قبلت, وهذا هو الأصل. بعتك الشاة بمائة قبلت، أتبيع لي الشاة بمائة؟ فيقول: بعتكها, فيقول: قبلت، أما إذا قال: بعتكها بمائة, ما داما في مجلس فالأصل أنه ينعقد البيع.
فإنْ تشاغل بما يقطعه بطل؛ يعني: إذا انتقل كلامهما إلى سلعة أخرى إذا كان مثلا يساومك الأرض التي في الرياض - ثم أنت تقول: أبيعكها بخمسين ألفا فلم يقبل، ثم بعد ذلك انتقل, واشتغل معك بمساومة أرضك التي مثلا في المدينة أو في مكة وعلمت أنه لا يريد إلا أرضا واحدة إما هنا وإما هناك ولم تبعه الأرض التي بالمدينة عُرِفَ أن إعراضه عن الأرض التي بمكة دليل على عدم رغبته, اشتغل بما يقطعه. أنت قلت مثلا: بعتك بخمسين ألفا, ولكنه لم يقل قبلت, واشتغل البائع والمشتري بمماكسة وبمعاملة أخرى, بطل الإيجاب الذي أوجبه البائع.
وهكذا لو قال مثلا: بعتك هذه النعجة بمائة, فلم يقل: قبلت, ثم انتقلا إلى مساومة كبش, أو مساومة عنز,انتقلا, بطل الإيجاب الذي في النعجة, وهي الأنثى من الضأن، وانتقلت المساومة إلى الكبش الفلاني, أو إلى التيس, أو العنز ونحوها, فلم يكن باقيا ذلك الإيجاب الذي هو للشاة, اشتغل بما يقطعه فبطل.